14 فبراير 2012

السفير الأمريكي الأسبق في البحرين سام زاخم الأمير لجريدة البلاد

The Former USA Ambassador

قال السفير الامريكي الاسبق لدى المنامة سام زاخم ان لاسبيل لتوصل الى حلول لمشكلات اي دولة دون الجلوس على مائدة الحوار وليس اعمال العنف و التخريب التي لا تشبه البحرييين .

 

واشار السفير زاخم الذي يزور البحرين بدعوة من مجلس امناء جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية الى الدور الكبير الذي لعبه الامير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة خلال الثمانينات من اجل تأمين حرية الملاحة في منطقة الخليج رغم كل التهديدات والتحديات التي واجهتها البحرين آنذاك.

 

وكشف السفير سام عن اتجاهه نحو تشكيل لجنة مؤلفة من اعضاء سابقين في الكونغرس الامريكي من اجل نقل الحقائق والواقع السياسي في البحرين بصورة حيادية بعيداً عن المغالطات.

 

وفيما يلي نص الحوار :

حدثنا عن زيارتك هذه إلى البحرين ؟

تلقيت دعوة من رئيس مجلس امناء جائزة الشيخ عيسى لخدمة الإنسانية صديقي سمو الشيخ محمد بن مارك، حيث كنت قد اصدرت كتابا قد يكون هو المؤلف الوحيد الذي يتناول حياه الامير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفةن، بلا شك أن الكتاب الذي استغرق تأليفه اربعة أعوام قد تناول ايضا مراحل سبقت حكم الامير الراحل أي منذ حكم الشيخ حمد بن عيسى الى حكم الشيخ سلمان تتابعا إلى حياة الامير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان، مما يجعله اقرب ما يكون لمؤلف يخلص التاريخ المعاصر للبحرين”.

 

لماذا اخترت شخصية الامير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان رغم انك تعاملت مع سياسيين وقادة من دول كثر؟

بالنسبة لي اعتبر الامير الراحل جورج واشنطن البحرين ، او الشيخ زايد آل نهيان بالنسبة لدولة الامارات، كان الأمير الراحل لا يفرق بين فقير وغني بل يحرص على استقبال الجميع، في الواقع لم يكن هناك أعظم منه من حيث التواضع والحكمة وحبه لشعبه وحب شعبه له، مع أنه كان يحكم البحرين الا أنه كان بمقدار أي انسان الوصول إليه والسلام عليه والتحدث إليه، لا نرى أمراء وحكاما يتصرفون بهذه البساطة ! كان يقود سيارته بنفسه من دون حراسة، اتذكر في احدى المرات عادني إلى الجسرة وقلت له لا أعلم كيف اذهب إلى هناك فسألني أي الاماكن من السهل الوصول إليها بالنسبة إليك فأجبته قرب الاستاد الوطني، وبالفعل ذهبت إلى هناك بفقة زوجتي وأبنائي ننتظر حضوره برفقه مواكب أو حراسة مشددة ، مضى بعض الوقت ولم يأت أحد ، كانت هناك سيارة متوقفة علي بعد منا فاعتقدت أن ربما أرسل سائقا او مرافقا ليصطحبنا، فاقتربت منها كي أتاكد فكانت المفاجأة، الامير الراحل ينتظرنا بنفيه، بدا الاستغراب علي واضحا ولم انتظر طويلا قبل أن أسأله ” سمو الأمير كيف حضرت دون حراسة أو مرافقين ؟” فاجاب ” ولم يتوجب أن أحضر برفقة حراسة، هذه بلادي لا يجب أن أشعر بالخوف، وانا أسير فيها بين أفراد شعبي الذي أحبهم ويحبونني “. كان مثالاً للتواضع ومازلت اتذكر ايضا كلام الرئيس الامريكي الاسبق رونالد ريغان في كل مرة نلتقي، كان يقول : ” انت محظوظ يا سام فانت تتعامل مع اكثر الناس طيبة في العالم ” لقد كان سمو الامير الراحل موضع احترام وتقدير لدى الرئيس ريغان والرئيس الأسبق جورش بوش ” الأب ” . كان يتمتع بحكمه كبرة وكان حريضا أيضا على بلاده.

 

كنت سفيرا للولايات المتحدة الأمريكية خلالا فترة الثامنينات، وبالتأكيد انها فترة زمنية لم تخل من التحديات. كيف تقرؤها اليوم ؟

بالتأكيد، كانت ايامها الحرب العراقية – الايرانية وما أحاط بهذه الحرب من تحد كبير فيما يخص حركة الملاحة في منطقة الخليح وبالاخص ناقلة النفط، أعتقد ان الأمير الراحل أسهم بشكل كبير في تلك المرحلة ولولا حكته لما تمكنا من حماية ناقلات النفط والملاحة بشكل عام، كنا بحاجة لدعم من دول الخليج وكان دعم الأمير الراحل غير محدود رغم كل التهديدات التي كانت البحرين تتلقاها من قبل ايران آنذاك بسبب التعاون الكبير الذي أبدته البحرين في تلك الفترة، لقد تعاون الامير مع الولايات المتحدة وكان له فضل كبير لا يمكن نسيانه.

 

مرحلة الثامنيات لم تخل من التحديات، واليوم المرحلة لا تخلو أيضا من التحديات في ظل اختلاف موازين القوى في المنطقة، كيف تقرأ ما تواجهه البحرين اليوم من تحديات ؟

لسوء الحظ أن ا لتحديات هذه الأيام في البحرين هي تحديات داخلية. في الواقع انه امر مؤسف، فالبحرين دولة واحدة وشعب واحد وينتمي لاصل وعادات وتقاليد واحدة، للاسف الناس تركز على الأشياء الصغيرة التي تفصل الناس عن بعضهما البعض وتهمل ما يجمعها ببعضها البعض وهو أكبر وأهم بكثير مما يفصلها. للأسف البلد منقسم وتشهد بعض مناطق البحرين احداثا أمنية مؤسفة سواء بغلق الشوارع أو حرق الإطارات ، هذه أمور مؤسفة، البيت المقسوم من الصعب إعادته إلى وضعه كما كان بسهولة، لكن ما نصلي لأجله أن تعود البحرين إلى وضعها الآمن”.

 

قبل أن تكون دبلوماسياً انت إنسان، عشت بين البحرينيين، إلا ترى ان ما تشهده البحرين اليوم لا يشبه البحرينيين في شيء؟

دعيني أوضح شيئا أي نظام في العالم له أخطاء، لا يوجد نظام متكامل من دون أخطاء، النظام الكامل في الجنة فقط ، ونحن نعيش في الأرض وليس في الجنة. قد أكون قد أخطأت خلال فترة عملي كسفير، ربما أرتكبت أخطاء عندما كنت مشؤولا عن سياسة بلدي في منطقة الخليج، الحكومات جميعها ترتكب أخطاء، ولكن تصحيح الأخطاء لا يأتي بقذف الزجاجات الحراقة أو حرق ا لأطارات أو سكب الزيوت في الشوارع، المشكلات لا تحل من دون حوار مع الجهات المختصة ، تقول هذه المشكلة وهذه هي الحلول، وهذه مطالنا، وانا متأكد ان جلالة الملك شخصية متفهمة جداً، أتذكر جيداً،عندما دشن الاصلاحات في البحرين أرسلت له يومها رسالة قلت له فيها: “أشعر أن والدك في السماء ينظر إليك بفخر ويقول حسنا فعلت “الشعب البحريني يستحق كل الخير لانه من أطيب الشعوب فهو شعب متواضع وطيب ومحب وبسيط يفتح قلبه للجميع، أشعر بحزن كبير، هذه ليست البحرين التي عرفناها ، كنت أسير في زقاق المشقع وأشعر بالأمان، حتى أولادي كانوا يخرجون مساءً ونحن مطمئنون عليهم، البحرين بلد يمتلك حضارة تعود إلى 5000 عام، والشرق هو منبع الحضارات فلماذا لانتكلم مع بعضنا البعض بتحضر بدلا من العنف ؟

 

غادرت البحرين في الثامنيات وبالتأكيد زرتها مرات عدة، كيف كنت ترى التطور في مناحي الحياة المختلفة خلال الأعوام العشرة الأخيرة ؟

بلا شك البحرين شهدت نهضة عمارنية واقتصادية كبيرة، بالتأكيد الكثير من الجوانب الحياتية والسياسية لم تكن متوافرة كما هي الحال الأن، الاصلاحات التي قام بها جلالة الملك تفوق اي اصلاحات في اي دولة أخرى مع أن البحرين ليس لها اقتصاد قوي كالكويت والأمارات والسعودية وقطر وبالقليل الذي في البحرين نشكر الله الحياة جيدة الحريات جيدة، بالتأكيد نستطيع أن نبذل المزيد في سبيل المزيد من الأصلاحات الاهم أن تكون بخطوات مدروسة، للاسف ما تشهده البحرين يلقي بظلاله على الوضع الاقتصادي وهذا أمر سيئ للغاية، قبل يومين كنت أحاول الذهاب إلى مكان ما وكانت الطريق مغلقة، هذا ليس وضعا جيدا، الأمور لا بد أن تعود إلى وضعها الطبيعي، فالوطن لا يسير وهو منقسم على نفسه، بعض الناس لها مطالب محقة، يجب سماعها، الشعب أهم شيئ في البلد الشعب اهم من الحكومة، فالحكومة في خدمة الشعب، نحتاج لعقول صافية، عندما نكون على باخرة لا حد يستطيع يقول اني أكره القبطان فسأغرقها، السفينة يجب أن تسير في طريقها لإنقاذ الجميع للوصول لبر الأمان.

 

ألا ترى أن بروز الجانب الطائفي في البحرين كسمة واضحة في الأزمة البحرينية يشير إلى أن ما تشهده البحرين كان يتدخل من دولة أخرى؟ أو نتيجية تغيرات في دولة أخرى كالعراق مثلا؟

بالتأكيد هناك تدخلات خارجية في المنطقة ، لكن لا يجب أن يسمح للتدخل الأجنبي في البحرين، ففي العام 1971 صوت الاغلبية على حكم آل خليفة مغلقين الباب امام ادعاْءات الشاه، لم تكن هناك تفرقة دينية، الان اذا أخطأت الحكومة فلتعترف بخطئها ، فهذا هو جوهر الاحترافية في العمل، وليس لدي أدنى شك بحب جلالة الملك لشعبه ، سواء كانوا في القرى أو المدن مهما كبرت أوصغرت، لتعود البحرين إلى أيامها الجميلة، وإذا كان هناك مشاكل فليعمل الجميع بيد واحدة على حلها. من واقع فهمي وادراكي لهذا البلد وحبي له فكرت جديا بتشكيل لجنة تضم أعضاء سابقين في الكونغرس الأمريكي وزيارة البحرين والاستماع لكل الأطراف وتقريبا وجهات النظر بحيادية تامة، وانا شخصيا أحب آل خليفة واحب الشعب البحريني، ولا أعتقد من الصعوبة التوصل إلى حلول في بلد مثل البحرين يتمتع الجميع بمحبة وسعة صدر كبيرة، التواضع سمة عظيمة في البحرين والبحرينيين وهذا امر لا نراه في دول أخرى، قولي لي من يدخل البيت الأبيض ليتناول القهوة مع الرئيس الشعب كما كان يحدث أيام الأمير الراحل؟ بالتأكيد إذا عملنا سوياً سيكون هناك حلول، أذا كان هناك أخطاء في الحكومة فلنصححها، والشعب يجب أن يعلم ان امكانيات الدولة هنا ليست كالكويت أو السعودية، لذا يجب أن نجلس ونتفق وتعمل لنعمر هذه البلد ونقوي الاقتصاد كي يجني البحرينيون جميعا الثمار”.

 

هل من شخصيات معينة فكرت بأن تضمها هذه اللجنة ؟

نعم فكرت بالمرشح الرئاسي السابق ( 1988) غاري هارد، وايضا بسياسي أخر يدعى هاميلتون وهو باحث خبير في الشؤون الإيرانية، أيضا بجورج ما كوفر كان قد ترشح امام الرئيس نيكسون في العام 1972، ما تسعى إليه اللجنة ان تعمل بحيادية وان تأخذ الحقائق وتعرضها على الكونغرس لتوضيح ما يجري في البحرين، فكما يقال ” إذا تأخرت العدالة عن موعدها وقع الظلم ” وهناك من الناس من يقول أن هناك عدالة ولكنها بطيئة، قد يكون هناك معارض يريد الإصلاحات وقد يكون هناك معارض يريد أن يعارض فقط لأجل المعارضة، ولن نختلف مع أحد، من الجيد أن يكون هناك معارض لكن أن يكون هناك احترام للسلطة والقوانين، قد لا احب الرئيس أوباما لكنني احترمه واحترم مقاومة، الولايات المتحدة دولة غير مثالية، نحن جمهوريون وديمقراطيون، ولدينا اختلافاتنا لا احد يقول أريد الموت لـ “فلان “فإذا قلت لي أريد الحوار ولكن أريد قبل الحوار أن تقطع لي رأس “فلان ” سأقول لك أذن لا نستطيع الحوار من الاساس”.